اليوم الدولي لتعددية الأطراف.. الدبلوماسية أداة حيوية في زمن الحروب والأزمات المناخية
يحتفل به في 24 أبريل من كل عام
في عالم يشهد اضطرابات متلاحقة، من تصاعد النزاعات الجيوسياسية إلى الأزمات الصحية وتفاقم تغير المناخ، تبرز الحاجة الملحّة إلى حلول جماعية وسلمية، في هذا السياق، يمثل اليوم الدولي لتعددية الأطراف والدبلوماسية من أجل السلام، الذي يُحتفل به سنوياً في 24 أبريل، نداءً أممياً لتغليب لغة الحوار على لغة العنف، وتحقيق سلام عادل وشامل من خلال أدوات دبلوماسية قائمة على التعاون وحقوق الإنسان.
نشأة اليوم الدولي
أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2018 يوم 24 أبريل مناسبةً دولية سنوية تُعرف بـ"اليوم الدولي لتعددية الأطراف والدبلوماسية من أجل السلام"، بموجب القرار رقم A/RES/73/127، وقد جاء هذا الإعلان في ظل التحديات المتصاعدة التي تهدد السلم الدولي، من النزاعات المسلحة إلى تغيّر المناخ والتفاوت الاقتصادي.
استندت الأمم المتحدة في هذا القرار إلى قناعتها بأن التعددية ليست خياراً سياسياً فحسب، بل ضرورة لضمان الاستقرار، وحماية الشعوب، وتوفير منابر للحوار في عالم تزداد فيه الأزمات والتوترات.
أبرزت المناسبة السنوية أهمية التفاهم الدولي والاحترام المتبادل، مؤكدة أن الدبلوماسية لم تفقد قدرتها على تجنيب العالم كوارث الحروب والانقسامات، وتركّز الاحتفالات بهذه المناسبة على التحديات المعاصرة، ولا سيما تلك المتعلقة بالحروب الجديدة، والاختلالات البيئية، والأزمات الإنسانية.
دعت الأمم المتحدة جميع الدول الأعضاء إلى تجديد التزامها بالعمل الجماعي، والامتناع عن السياسات الأحادية التي تؤدي إلى عزلة الشعوب وتفاقم الأزمات.
ضرورة إصلاح آليات العمل الدولي
أطلقت الأمم المتحدة، بالتزامن مع هذه المناسبة، العام الماضي 2024 دعوة إلى مراجعة أدوات العمل الدولي، في ضوء ما سمّي بـ"ميثاق المستقبل"، الذي أُقر خلال قمة المستقبل في سبتمبر 2024.
تضمّن الميثاق مبادرات جديدة، مثل إنشاء نظام إنذار مبكر للأزمات، وتأسيس مجلس شبابي استشاري عالمي، وتشكيل صندوق لتمويل جهود السلام الوقائي، وتوسيع مشاركة النساء والمجتمعات المحلية في عمليات الوساطة.
هناك أمثلة حيّة كثيرة على نجاح التعددية في العقود الأخيرة، مثل الاتفاق النووي مع إيران، واتفاق باريس للمناخ عام 2015، وخطة التنمية المستدامة 2030، فقد أسهمت هذه الاتفاقيات في الحد من التصعيد العسكري، وتحقيق التوازن البيئي، وتوفير تمويل تنموي للبلدان النامية، رغم العراقيل التي واجهتها في التنفيذ.
احترام الحقوق الأساسية لجميع الشعوب
تركّز الأمم المتحدة، خلال خطابها في هذه المناسبة، على العلاقة الوثيقة بين تعددية الأطراف وحقوق الإنسان، وتطالب المجتمع الدولي بالعمل على حماية الحق في الحياة، والحق في السلام، والحق في العيش في بيئة نظيفة، والحق في الوصول إلى الرعاية الصحية، خاصة في حالات النزاع والكوارث.
وقد نبّهت الأمم المتحدة مراراً إلى أن تراجع الالتزام بالمعايير الدولية يؤدي إلى تهميش الفئات الضعيفة، مثل اللاجئين، والنساء، والأطفال، وذوي الإعاقة، والمجتمعات الأصلية.
أرقاماً مقلقة
أشارت تقارير المنظمة إلى أن العالم يشهد في عام 2025 أكبر عدد من اللاجئين والنازحين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، إذ تجاوز عددهم 114 مليون شخص، بحسب بيانات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
وكشفت كذلك أن الإنفاق العسكري العالمي في عام 2024 بلغ 2.44 تريليون دولار، في وقتٍ تحتاج فيه برامج الأمم المتحدة الإنسانية إلى ما لا يقل عن 55 مليار دولار لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية العاجلة.
وأكدت أن هذه المفارقة تدق ناقوس الخطر، وتستدعي إعادة توجيه الموارد نحو بناء السلام لا تغذية الحروب.
إعلاء صوت الحوار والوساطة
جددت الأمم المتحدة دعوتها إلى إعلاء منطق الحوار، وتعزيز الدبلوماسية الوقائية، وإشراك المجتمعات المحلية في عمليات السلام، وذكّرت بأن السلام لا يُفرض بالسلاح، بل يُبنى بالإرادة السياسية، وبالاستماع إلى أصوات الشعوب، وإيجاد حلول عادلة للجذور العميقة للنزاعات، كالفقر، والتمييز، والتهميش.
نظمت العديد من الحكومات والهيئات الدولية فعاليات متنوعة لإحياء هذه المناسبة، شملت مؤتمرات حوارية، وورش عمل حول الوساطة المحلية، وحملات إعلامية رقمية لرفع الوعي بمفهوم التعددية.
شاركت كذلك منظمات المجتمع المدني في إطلاق بيانات تضامن مع ضحايا النزاعات، ودعت إلى مساءلة منتهكي القانون الدولي، وإعادة الاعتبار للأمم المتحدة كمنصة جامعة تمثل تطلعات البشرية.
مراجعة السياسات الدولية
أتاحت الذكرى فرصة للوقوف عند الأخطاء التي شابت أداء النظام الدولي في التعامل مع أزمات مثل الحرب في أوكرانيا، والعدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، وانهيار النظم الصحية في السودان واليمن.
وتشدد فعاليات المناسبة على أن الصمت الدولي حيال الانتهاكات، والتقاعس عن فرض مساءلة عادلة، يهددان بفقدان الثقة في المؤسسات الدولية، ويمنحان الأنظمة القمعية مساحة للتمدد والإفلات من العقاب.
طالب العديد من الخبراء والدبلوماسيين بتعزيز دور الأمم المتحدة في صنع القرار، وتوفير تمويل عادل لبرامج التنمية، وإعادة الاعتبار لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، خاصة في بند حل النزاعات بالوسائل السلمية.
ودعوا الدول الأعضاء إلى تغليب المصلحة المشتركة على المصالح الضيقة، والوفاء بالتزاماتها المالية والأخلاقية تجاه القضايا العالمية، من اللاجئين إلى البيئة.